النسبية الخاصة لألبرت أينشتاين. (الجزء العاشر والأخير).

مواضيع مفضلة

Tuesday, May 16, 2017

النسبية الخاصة لألبرت أينشتاين. (الجزء العاشر والأخير).





(هذه المقالات هي الأكثر تفصيلاً وتبسيطاً لشرح نظرية أينشتاين للنسبية الخاصة)

تحذير !!  هذا المقال المطَوَّل جداً هو للقارئ المهتم فقط.

مــــاذا عــــن مـــعـــادلـــة (الطـــاقـــة = الـــكـــتـــلـــة x ســـرعـــة الـــضـــوء تربيع) أو (E = mc2).

من المرجح أنه لا توجد معادلة في الفيزياء أكثر شهرة من معادلة الطاقة = الكتلة x سرعة الضوء تربيع أو (E = mc2).  وفي عقول الكثيرين من الناس ، (E = mc2) ، تُعتبر خطأً أنها جوهر النظرية النسبية.  في الواقع ، ومع أن معادلة (E = mc2) تحتوي على فكرة أساسية وحاسمة ، فإن معادلة (E = mc2) لم تكن جزءاً من ورقة أينشتاين العلمية الأصلية لعام ١٩٠٥م عن النسبية.  بمعنى من المعاني ، هي فكرة لاحقة.  أينشتاين ، لاحقاً في عام ١٩٠٥م ، كتب ورقة علمية قصيرة تتضمن جوهر الفكرة الأساسية حول معادلة  (E = mc2) ، ولكنه لم يشرح الفكرة بالتفصيل المطول حتى عام ١٩٠٧م.  لذلك ، بمعنى من المعاني ، المعادلة (E = mc2) وما تعنيه هي فكرة لاحقة للنظرية النسبية الخاصة لأينشتاين.

سوف تلاحظ أن كل شئ ذكرناه حتى الأن عن الفضاء ، والزمن ، وتمدد أو تباطؤ الزمن ، وتقلص الأطوال ، والسببية ، والماضي ، والحاضر ، والمستقبل ، والمكان الآخر ، إلى آخره ...... كل هذا كان بدون أي ذكر لمعادلة (E = mc2).  ولكن عندما تبدأ في الحديث عن النسبية من حيث الديناميكا ، من حيث سلوك الأجسام وطاقاتها والقوى العاملة عليها ، عندها تبدأ بالقلق من الأشياء التي سوف تقودك إلى معادلة (E = mc2).  لذلك نود أن نوصف ماذا تعني تلك المعادلة ، كذلك نود أن نبدد ونزيل الكثير من الأساطير الشعبية الخاطئة حول المعادلة أيضاً.

إذاً ماذا تقول لنا معادلة (الطاقة = الكتلة x سرعة الضوء تربيع) أو (E = mc2) ؟  في الواقع ، إنها تؤكد على التكافؤ الأساسي بين إثنين من الأشياء الرئيسية التي تشكل الكون.  ما هي الأشياء التي تشكل الكون ؟  حسناً ، هناك المادة ، وهي الأشياء الصلبة التي تُكَوِّن الأرض ، والتي تكون أجسادنا ، والتي تكون مكتبك ، وتكون الكراسي التي نجلس عليها ، وتكون الرمال ، والكواكب ، والمياه ، والهواء (والذي يتكون ، مع ذلك ، من ذرات المادة الصلبة في نهاية المطاف) ، والتي تكون النجوم ، والمجرات.  نحن نعلم عن المادة.  إنها ملموسة ، إنها حقيقية ، نستطيع الإحساس والإمساك بها.

الشئ الأساسي الآخر الذي يشكل الكون هي الطاقة.  والطاقة شئ غير ملموس بالنسبة لنا.  ما هي الطاقة ؟  حسناً ، عندما أتحرك على طول ، فقد حصلت على الطاقة.  الطاقة هي الحركة بمعنى من المعاني ، أو نستطيع القول بأن الحركة تحتوي على الطاقة ، أو نستطيع القول بأن الحركة هي تمثيل للطاقة بمعنى أنها مظهر من مظاهر الطاقة.  كذلك لو رفعت جسم ثقيل للأعلى ضد جاذبية الأرض ، فقد أعطيته طاقة.  كذلك لو كان هناك موجة ضوئية تتحرك من الشمس إلى الأرض ، فإن حقل المجال الكهربائي والمغناطيسي الذي يكون الموجة الضوئية يحتوي على طاقة ، والموجة الضوئية تحمل هذه الطاقة للأرض.  وفِي الواقع ، هذه هي الطاقة التي تبقينا على قيد الحياه هنا على الأرض.

الطاقة هي جزء مهم من الكون.  لو لم يكن هناك طاقة فإن كل شئ سيتوقف.  والطاقة هي الجزء الأخر الذي يشكل الكون.  وقبل معادلة الطاقة  (E = mc2) ، كانت المادة والطاقة شيئين منفصلين.  وكانت هناك قوانين فيزيائية منفصلة تشرح كيفية تصرفهما.  وكلاهما كانتا كميتان يبدو عليهما أنهما موجودتان ولا تتغيران أبداً في كمياتهما.  فإذا كان لديك كمية معينة من المادة ، فسيكون لديك دائما هذه الكمية من المادة.  إنها قد تتغير لأشكال مختلفة.  قد تحرق الهيدروجين والأكسجين ، على سبيل المثال ، وتحصل على الماء ، ولكنك ستحصل على نفس الكمية من المادة ، هكذا يبدو.

من ناحية أخرى ، لو كان عندك طاقة ، فإنها قد تتغير لأشكال وأنواع مختلفة.  إنها قد تكون طاقة كهربائية.  قد تضعها في فرن كهربائي وتحولها إلى حرارة.  قد تضعها في فرن المايكرويف وتحولها إلى موجات المايكرويف ، وهذه الموجات قد تدخل إلى كوب من الشاي وتتحول إلى حرارة.  الطاقة تتحول من شكل معين إلى شكل أخر.  قد تحصل عليها كطاقة مخَزَّنَة ، في نهاية المطاف على شكل طاقة كهرومغناطيسية ، في الروابط الكيميائية التي تشكل جزيئات البنزين في تانك البنزين في سيارتك ، وعندما تدعس على دواسة البنزين يحترق البنزين.  وتتحول الطاقة إلى شكل مختلف.  الطاقة الآن هي الطاقة الحركية لسيارتك ، والحرارة التي تخرج من ماسورة العادم (الشكمان) ، والحرارة التي تخرج من المبرد (الرادياتير) ، وحرارة الاحتكاك التي تخرج من عجلات سيارتك ، وجميع الطرق الأخرى التي يتم بها هدر طاقة سيارتك.  ولكنها مازالت موجودة هناك كطاقة.

إذاً كان لدينا الطاقة والمادة ، وكان لدينا قوانين وقواعد مختلفة تشرح وتوصف سلوكهما ، وأحد هذه القوانين أو القواعد تنص على أن كميتهما في الأساس محفوظتان.  فإذا كان لديك كمية معينة من الطاقة ، فسيصبح لديك دائماً هذه الكمية ، وإذا كان لديك كمية معينة من المادة ، فسيصبح لديك دائماً هذه الكمية ، على الرغم من أنها قد تغير أشكالها.

والأن سوف نطرح السؤال ، ماذا تفعل المعادلة (E = mc2) لنا ؟

في الواقع ، إنها تؤكد التكافؤ  بين المادة والطاقة.  إنها تؤكد التكافؤ بين الكتلة (كمية مايحتويه الجسم من المادة) وبين الطاقة.  وما تخبرنا به هذه المعادلة هو التالي : إنها تخبرنا بأنه إذا كان لدينا قطعة من المادة ، كرة تنس على سبيل المثال ، وقمنا بحساب كتلتها وضربناها بمربع سرعة الضوء ، فإننا سنحصل على رقم كبير جداً ، ذلك لأن سرعة الضوء تساوي ٣٠٠,٠٠٠ كيلومتر في الثانية أو ٣٠٠,٠٠٠,٠٠٠ متر في الثانية ، لذا إذا ربعناها فسنحصل على ٩٠,٠٠٠,٠٠٠,٠٠٠,٠٠٠,٠٠٠ (٩٠ الف تريليون).  لذلك ضرب كتلة كرة التنس بسرعة الضوء تربيع سيعطينا رقم كبير جداً.  هذا هو مقدار الطاقة المكافئة لكرة التنس هذه.

إذاً نستطيع أن نقول أن الكتلة هي شكل مركز جداً من أشكال الطاقة.  إذا إستطعنا تحويل كرة التنس هذه بالكامل إلى طاقة ، فإننا سنحصل على كمية ضخمة جداً من الطاقة.  ذلك لأن المعادلة (E = mc2) تقول بأن هناك تكافؤ بين المادة والطاقة.

إن معادلة الطاقة (E = mc2) تقول أن المادة والطاقة لم تعد متميزتان وواضحة المعالم ، لم تعد مادتين منفصلتين والتي تشكل الكون ، ولكنهما قابلتين للتبادل ، وأن المعادلة  (E = mc2) ، تصف ، إذا أردت ، سعر الصرف بين المادة والطاقة ، بالضبط مثل سعر الصرف بين الدولار الأمريكي واليورو.  والآن أصبح لدينا عملتين مختلفتين ، إذا أردت ، لشئ واحد والذي يحمل المادة التي يتكون منها الكون - مادة واحدة ، المادة - الطاقة.  وهناك عامل تحويل بينهما ، وعامل التحويل هذا هو سرعة الضوء تربيع.

ومرة أخرى ، لقد ألمَّحنَا في مقالنا السابق بأنه ينبغي علينا أن نفكر في سرعة الضوء ، ليست كسرعة فقط ، بل كنوع من عامل التحويل بين الفضاء والزمن في نهاية المطاف.  والأن إلى جانب ذلك نضيف بأن مربع سرعة الضوء يصبح عامل التحويل بين الكتلة والطاقة.

وكما أشرنا سابقاً ، بأن سرعة الضوء هي رقم ضخم كبير ، وأن مربع سرعة الضوء يصبح رقم أضخم وأكبر.  وبناءً على ذلك ، فإن الطاقة المحتواة والموجودة في المادة العادية هي طاقة هائلة.  على سبيل المثال ، إذا إستطعنا بطريقة ما بأن نستخلص جميع الطاقة الموجودة في حبة زبيب - إبادة وإفناء حبة الزبيب تماماً وتحويلها إلى طاقة نقية كاملة - فإننا نستطيع توليد طاقة كافية تكفي لتشغيل مدينة كبيرة لمدة يوم واحد.  إن معادلة الطاقة (E = mc2) تقول لنا بأن هناك كميات ضخمة هائلة من الطاقة تسكن في جميع المواد حولنا.

أســـاطـــيـــر شـــعـــبـــيـــة حـــول الـــمـــعـــادلـــة (E = mc2).

للأسف الشديد ، في العقل الشعبي ، إن معادلة الطاقة (E = mc2) مرتبطة بالطاقة النووية ، وأن أينشتاين ومعادلته ونظريته النسبية ، في معظم الأحيان ، يتم تحميلهم المسؤلية عن وجود الأسلحة النووية.  في الواقع ، لا شيء يمكن أن يكون أبعد عن الحقيقة.  أولاً وقبل كل شئ ، المعادلة (E = mc2) ليست فقط تدور حول التفاعلات النووية ، وإنها ليست فقط تدور حول الطاقة النووية ، إنها تدور حول كل أنواع الطاقة.  إنها تقول إن كل أنواع المادة وكل أنواع الطاقة متكافئة.  لذلك فإنه في أي وقت نقوم فيه بأي عملية تؤدي إلى إطلاق أي شكل من أشكال الطاقة ، فقد خَفَّضنَا الكتلة ، كمية المادة ، في هذا النظام الذي صدر منه هذه الكمية من الطاقة.  وأنه في أي وقت نقوم فيه بعملية نزيد فيها الطاقة لأي نظام يخزن الطاقة ، فقد زودنا الكتلة ، زودنا كمية المادة في هذا النظام.

دعنا نعطيك بعض الأمثلة.
لو أخذنا بطارية فارغة ، ووضعناها في شاحن للبطاريات ، وقمنا بشحنها ، فإن البطارية سوف تزن أكثر بعد ما يتم شحنها ، ليس لأننا وضعنا بها مادة فيزيائية على شكل مادة ، ولكن ببساطة لأنها أصبحت تحتوي على طاقة أكثر.  بالطبع أنك لن تستطيع أبداً أن تلاحظ الفرق عن طريق وزنها بالميزان ، ذلك لأن البطارية هي جهاز غير كفء بالمرة لتخزين الطاقة وأن كمية ضئيلة جداً من الطاقة تُخَزَن بها.

من خلال عملية التركيب الضوئي ، يقوم النبات بأخذ الماء من التربة وغاز ثاني أكسيد الكربون من الهواء ويستخدم الضوء القادم من الشمس ليصنع جزيئات معقدة أكثر مثل السكر.  لو أخذنا ثاني أكسيد الكربون والماء الذي يدخل في النبات وقمنا بوزن جزيئات السكر التي تم إنتاجها بواسطة عملية التركيب الضوئي ، سنجد أنها تزن جزء ضئيل جداً جداً أكثر.  شئ ضئيل لا يذكر لتفاعل كيميائي من هذا القبيل ، ذلك لأن التفاعلات الكيميائية ضعيفة إلى حد ما.  ولكنها تحول المادة إلى طاقة والعكس بالعكس.

عندما نقوم بحرق البنزين في السيارة ، فإن البنزين يحول جزء ضئيل جداً من كتلته إلى طاقة.  إنها ليست فقط التفاعلات النووية التي تقوم بذلك.  عندما نقوم بتفجير قنبلة نووية أو نشغل مفاعل نووي ، فنحن أيضاً نحول المادة إلى طاقة ، والفرق الوحيد مع التفاعلات النووية أننا نحول جزء أكبر بكثير من المادة - حوالي ١٠ مليون مرة كتلة أكبر تتحول إلى طاقة في التفاعل النووي عن التفاعل الكيميائي.  ولكن ومع ذلك ، مازالت تعتبر كمية صغيرة جداً تكاد لا تذكر - أقل من واحد في المائة.  التفاعلات النووية ليست محولات فعالة جداً للكتلة إلى طاقة ، على الرغم من أنها حوالي ١٠ مليون مرة أكثر كفاءة من التفاعلات الكيميائية.

في الواقع ، لو قمت بفعل شئ بسيط جداً كإشعال شمعة ، وقمت بوزن الشمعة قبل إشعالها ، ثم قمت بوزن كل الأكسجين الذي إتحد مع الشمع أثناء الإشتعال ، وقمت بوزن كل السناج الناتج عن الإحتراق ، وكل ثاني أكسيد الكربون الذي نتج من عملية الإحتراق ، فإنك ستجد أن النواتج الخارجة من عملية الإحتراق هذه ستزن أقل مما دخل فيها بكمية ضئيلة جداً جداً.  ولكن هذه الكمية الضئيلة جداً عندما تضربها بمربع سرعة الضوء ، ستخبرك بكمية الطاقة التي حُرِّرَت من الشمعة على شكل ضوء وحرارة على سبيل المثال.

وبالمثل ، لو أخذت محطتان لتوليد الكهرباء تنتجان نفس كمية الطاقة ، بنفس القدرة - ولنقل ١٠٠٠ ميجاوات (١٠٠٠ مليون وات).  واحدة هي محطة عادية لتوليد الكهرباء والتي تستخدم الفحم الحجري والأخرى هي محطة نووية لتوليد الكهرباء والتي تستخدم اليورانيوم.

وبالنسبة لمحطة توليد الكهرباء باستخدام الفحم الحجري ، قمت بوزن جميع الفحم الذي دخل إليها ، وكل الأكسجين الذي دخل ليتحد مع الفحم أثناء الأحتراق.  وبعد ذلك قمت بوزن جميع الملوِّثات التي تخرج من المدخنة ، وكل ثاني أكسيد الكربون ، وكل السناج الذي يتم فلترته بواسطة المرسبات الكهروستاتيكية والتي تزيل الأشياء الجسيمية من الهواء.  فإنك ستجد أن هناك فرق ضئيل في الوزن ، وفِي خلال عام واحد ، ستستطيع قياس الفرق بين كل شئ دخل وكل شئ خرج ، ولو قمت بضرب هذا الفرق بمربع سرعة الضوء ، فإن هذا سيكون الطاقة التي تنتجها محطة توليد الكهرباء.  بالطبع معظم هذه الطاقة ، بالمناسبة ، كانت حرارة ضائعة  تم إلقائها في نهر ، وربما ، في جسم آخر من المياه ، وبعضها ضاع في الغلاف الجوي ، وحوالي ثلثها خرج كالكهرباء.

وإذا قمت بالضبط بنفس الشئ بالنسبة لمحطة توليد الكهرباء النووية ، وقمت بوزن كل اليورانيوم الذي دخل في المحطة - لا يوجد أكسجين في هذه الحالة لأنه لا توجد عملية إحتراق كيميائي تحدث هنا - وقمت بوزن كل شئ يخرج من المحطة ، الوقود الضائع المتبقي في المفاعل بعد الإنتهاء ، وبقية النفايات النووية المتبقية ، وفِي خلال عام واحد ، فإنك ستجد أن كتلة هذا النظام قد نقصت أيضاً.  ونظراً لأن هاتين المحطتان تنتجان بالضبط نفس كمية الطاقة في عام واحد ، فإن الفرق سيكون بالضبط نفس الشئ.  سيكونان قد فقدا بالضبط نفس الكمية من الكتلة لإنتاج بالضبط نفس الكمية من الطاقة.

هذه هي النقطة التي نحاول توضيحها ، إن معادلة الطاقة (E = mc2) ليست تدور حول الفيزياء النووية ، إنها تدور حول جميع التفاعلات التي تحدث.  إن محطة الطاقة النووية ومحطة حرق الفحم الحجري تنتجان نفس كمية الطاقة.  الفرق الوحيد أن الكثير جداً من الكتلة دخلت لمحطة حرق الفحم الحجري.  إن محطة حرق الفحم الحجري والتي تنتج ١٠٠٠ ميجاوات عادةً ما تحتاج إلى حمولة حوالي ١٥ قطار مكون من ١٠٠ عربة من الفحم كل أسبوع.  من ناحية أخرى ، تحتاج محطة الطاقة النووية والتي تنتج ١٠٠٠ ميجاوات عادةً إلى حمولة حوالي سيارتين نقل من الوقود النووي كل سنتين.  هذا هو الفرق.  هذا هو عامل الـ ١٠ مليون في كفاءة التفاعلات النووية مقارنة مع التفاعلات الكيميائية في تحويل الكتلة إلى الطاقة.  ولكن العملية، من حيث المبدأ، هي نفسها.

ليس هناك شئ جوهري أساسي نووي يدور حول المعادلة (E = mc2).  ولقد أمضينا الكثير من الوقت للتأكيد على ذلك لأن هناك سوء فهم كبير ومفهوم خاطئ منتشر بأن المعادلة (E = mc2) تدور حول الطاقة النووية.  لو تطلب الأمر من معادلة الطاقة (E = mc2) أن تكتشف الإنشطار النووي ، لتطلب الأمر من معادلة الطاقة (E = mc2) أن تكتشف عملية الإحتراق الكيميائي.  إنه ليس من الضروري أبداً أن تفهم النسبية لتصنع القنابل الذرية للأسف ، أو لحسن الحظ في هذه الحالة.  ولكن كذلك إنه ليس من الضروري أبداً أن تفهم النسبية لكي تشعل شمعة ، أو لعملية إستقلاب الطعام في جسدك ، أو عملية حرق البنزين في سيارتك.  ومع ذلك، فإن كل تلك العمليات تنطوي على تحويل الكتلة إلى طاقة ، كما توضحه لنا معادلة الطاقة  (E = mc2).

زوج مـــن الأمـــثـــلـــة الأخـــرى.

شمسنا ، والتي تعتبر في الواقع كأنها مفاعل إندماج نووي ضخم ، لديها تفاعلات نووية قليلة الكفاءة جداً تحدث بداخل مركزها.  إنها التفاعلات النووية التي تُنتِج ضوء الشمس ، في نهاية المطاف ، والتي شرحنا أنه يستغرق ٨ دقائق ليصل من الشمس إلى الأرض ويبقينا على قيد الحياة.  وتقوم الشمس بتحويل حوالي ٤ ملايين طن من مادتها إلى طاقة كل ثانية.  إنها تفقد طاقتها ، ولذلك فهي تفقد كتلتها ، وإذا قمت بضرب ذلك في مربع سرعة الضوء ، فإن ذلك سيكون كمية كبيرة جداً من الطاقة تخرج من الشمس كل ثانية.  إنها تقدر بحوالي ١٠٠,٠٠٠,٠٠٠,٠٠٠,٠٠٠,٠٠٠,٠٠٠ (مائة مليون ترليون) لمبة بقدرة ١٠٠ وات من الطاقة كل ثانية ، لنعطيك مثالاً.  إذاً الشمس تفقد الكثير من المادة  - ٤ ملايين طن من الكتلة كل ثانية.

وحتى في الحالات التي لا نحرق أو نشعل فيها شيئاً ما أو لا نقوم فيها بعملية الإنشطار النووي أو الإندماج النووي ، فعندما نقوم بتغير الطاقة لنظام معين ، فنحن نغير كتلة النظام بمقدار (الطاقة = الكتلة x مربع سرعة الضوء) (E = mc2) أو (الكتلة = الطاقة \ مربع سرعة الضوء) (m = E/c2).  على سبيل المثال ، إذا قمت برفع كرة بولينج ثقيلة من الأرض إلى الأعلى ، فإن النظام كله - المكون من الأرض وكرة البولينج ومجالاتهما الجاذبية - ستحتوي على كتلة أكبر عن ما كانت عليه في السابق ، وذلك لأنها تحتوي على طاقة أكبر ، وذلك لأنني رفعت الكرة إلى الأعلى.  إذا تركت الكرة وجعلتها تسقط مرة أخرى إلى الأرض ، فسوف أحصل على الكتلة مرة أخرى على شكل طاقة.

بالطبع نحن لا نرى أو نشعر بتفاصيل عملية تحويل الطاقة هذه لأنها كمية صغيرة جداً جداً ، ولكنها تحدث هنا.  هذه الكتلة هي جزء صغير جداً جداً من الكتلة الكلية للنظام.  إنها عملية غير فعالة جداً بهذا المعنى ، ولكنها تحدث بالفعل.

وبالمثل ، إذا أخذت شريط مطاطي وسحبته أو مطيته إلى أخره.  ماذا يحدث عندما أقوم بسحب أو مط الشريط المطاطي ؟  في الواقع ، إن عمليات تحويل الطاقة في جسدي التي تنتج عن عملية إستقلاب طعامي ستخفض في الحقيقة كتلتي إلى حد ما ، وذلك لأنني أحول الكتلة إلى طاقة.  هذه الطاقة تشكل نفسها وتتجلى وتظهر كحركة أثناء عملية السحب ضد الشريط المطاطي أثناء مطُه.  والآن ، إذا قمت بوزن الشريط المطاطي الممطوط ، فسأجد أنه في الواقع يزن أكثر قليلاً مما كان عليه قبل مطُه.  أكثر بأي مقدار ؟  حسناً ، نحن نعلم أن (الطاقة = الكتلة x مربع سرعة الضوء) أو (E = mc2).  لذلك من المعادلة السابقة سوف نحصل على أن (الكتلة = الطاقة \ مربع سرعة الضوء) أو (m = E/c2).  وأستطيع أن أحسب كمية الطاقة التي وضعتها في عملية سحب الشريط المطاطي بواسطة ضرب القوة التي سحبت بها الشريط بالطول أو المدى أو المسافة التي سُحِب إليها الشريط.  وإذا أخذت هذا الرقم ، وهو الطاقة ، وقسمت الطاقة هذه على مربع سرعة الضوء ، فسوف أحصل على رقم ضئيل جداً.  هذه هي الكمية التي تغيرت بها كتلة الشريط المطاطي.

لا تبحث عن جزيئات إضافية قد ذهبت إلى هناك ودخلت في الشريط المطاطي.  أنا لم أضف أي جزيئات فيزيائية له.  ما قمت به هو إضافة الكتلة على شكل طاقة مرتبطة بعملية مط جزيئات الشريط عندما قمت بسحب الشريط المطاطي.  هذه الطاقة في نهاية المطاف يتم تخزينها في الواقع في المجال الكهرومغناطيسي ، وذلك لأن المجالات الكهرومغناطيسية ، في الأساس ، هي ما يثبت روابط الجزيئات معاً في جميع المواد.  إذاً ، حتى الأشياء البسيطة مثل عملية سحب شريط مطاطي ، أو أي شئ يستطيع تخزين الطاقة في نظام ما ، فإنه أيضاً يزيد الكتلة لهذا النظام بمقدار تستطيع حسابه من معادلة الطاقة  (E = mc2).

وأخيراً ، دعنا نعطيك مجرد لمحة تاريخية وجيزة عن هذه المسألة المتعلقة بالأسلحة النووية بجانب المعادلة (E = mc2).
على الرغم من أن أينشتاين لم يكن مسؤلاً عن الأسلحة النووية ، ومعادلته (E = mc2) لا علاقة لها بها ، فقد لعب أينشتاين ، على مضض ، دوراً صغيراً جداً في تطوير الأسلحة النووية.  الفيزيائي ليو سيزلارد ، والذي كان صديقاً لأينشتاين ، وكان أول من تصور فكرة الإنشطار النووي ، إقترح فعلاً على أينشتاين بكتابة رسالة إلى الرئيس الأمريكي روزفلت ، قائلاً أن الولايات المتحدة يجب أن تقوم بالعمل على بناء قنبلة نووية ، لأن الألمان كانوا ، في الواقع ، يعملون على بناء واحدة في بداية الحرب العالمية الثانية ، وعندما رفض أينشتاين كتابة الرسالة ، كتب سيزلارد الرسالة بنفسه وأقنع أينشتاين بالتوقيع عليها.  وأخيرا وافق آينشتاين على مضض على توقيع الرسالة ، والتي ساعدت في بدء مشروع مانهاتن الأمريكي - (لقب المشروع الذي بنى أول قنبلة ذرية) - في المضي قدماً.  لذلك، هناك مشاركة طفيفة من أينشتاين هنا ، ولكن الأمر حقاً لم يكن له أي علاقة بمعادلته (E = mc2).  بالمناسبة ، وفي وقت لاحق ، ومصادفةً ، أسس سيزلارد مجلس العالم من أجل الحياة ، وهي منظمة عملت على معارضة الأسلحة النووية.

تـــحـــويـــل الـــكـــتـــلـــة - الـــطـــاقـــة ، كـــفـــاءة ١٠٠ ٪‏

والآن ، ولا واحدة من هذه العمليات التي وصفناها تعتبر فعالة جداً بشكل كبير في تحويل الكتلة إلى الطاقة.  حتى التفاعلات النووية في العادة تحول أقل من ١ ٪‏ من الكتلة الكلية الموجودة إلى طاقة.  وبالنسبة للعمليات الكيميائية ، مثل حرق البنزين أو إنفجار المواد الكيميائية المتفجرة ، فإن هذه الأرقام ، مرة أخرى ، هي أقل بمعدل ١٠ مليون ، أو حتى أقل من ذلك.  ثم تأتي العمليات الأخرى ، مثل رفع كرة البولينج الثقيلة ، أو مط الشريط المطاطي ، فهي عمليات أقل فاعلية بكثير جداً من العمليات الكيميائية من حيث مقدار الجزء من الكتلة الكلية للنظام الذي يحصل تحويله بطريقة أو بأخرى.

ومع ذلك، هناك حالات ممكنة حيث يمكننا تحويل المادة إلى طاقة بكفاءة ١٠٠ ٪‏  والعودة مرة أخرى.  ونشاهد هذه الحالات في بعض حالات الفيزياء دون الذرية.  وسوف نريك مثالاً لتفاعل يحدث في الواقع بشكل شائع وعادي في مُسَرِّعات الجسيمات الضخمة ، حيث نقوم بتسريع الجسيمات ذات الطاقة العالية إلى سرعات عالية جداً.

ويُطلق على هذا التفاعل إسم "حدث التخليق الزوجي".  هذا التفاعل يحتوي على جسيمين.  أحدهما هو الجسيم المعروف لنا المسمى الإلكترون ، وهو الجسيم الذي يدور حول أنوية الذرات في الأجزاء الخارجية للذرات ، ويحتوي على شحنة كهربائية سالبة.  الجسيم الأخر هو جسيم يُطلق عليه البوزيترون ، وهو جسيم يشبه بالضبط الإلكترون ، إلا أنه يحمل شحنة كهربائية موجبة ، إنه جسيم مضاد الإلكترون.  هناك أشياء موجودة تسمى مضادات المادة ، وكل الجسيمات دون الذرية التي نعلم عنها لها هذه الجسيمات المضادة ، وهو مضاد المادة المقابلة لها.  إنها تماما مثل جسيمات المادة ، إلا أنها تحتوي على خصائص حاسمة معكوسة مثل الشحنة الكهربائية.

ومن الحقائق الملحوظة الرائعة ، أنه يمكننا أن نرى فعلاً مسارات الجسيمات دون الذرية الفردية.  والطريقة التي يمكننا بها فعل ذلك هي كتالي : هذه الجسيمات تخرج لنا من هذه التجارب بطاقات عالية جداً ، وبالتالي بسرعات عالية جداً ، وهي تتحرك بسرعة في خلال وسط معين مثل الهيدروجين السائل ، أو أنها تتحرك في خلال مجموعة مصفوفة من الأسلاك التي يمكنها الكشف عن مرور شحنة الجسيمات الكهربائية من قِبَل المجال المغناطيسي للأسلاك.  ومن خلال ذلك ، إما إنها تزعج أو تعكر ذرات الهيدروجين على طول الطريق أو أنها تزعج أو تعكر الأسلاك وأجهزة الكشف الخاصة بها.  ويمكننا أن نجمع معاً من هذه المعلومات ما تبدو عليه مسارات هذه الجسيمات دون الذرية.  إذاً في هذه الحالة ، حيث يوجد مجال مغناطيسي ، يمكننا الكشف عن مسارات الجسيمات دون الذرية.  تذكر أن المغناطيسية والشحنات الكهربائية هما مرتبطان إرتباطاً حميماً وثيقاً.  لذلك ، هذا المجال المغناطيسي يجعل البوزيترون والإلكترون يتحركان ويذهبان في مسارات دوامة لولبية.  هذه المسارات الدوامة اللولبية ، في الواقع ، تذهب في إتجاهين متعاكسين ، لأن لديهما شحنتين كهربائيتين متعاكستين.

والآن ، ماذا يحدث في المنتصف ، عندما ينضم هذين المسارين ؟  في الواقع ، هذا ما نُطلق عليه حدث التخليق.  الذي حدث في المنتصف هو أن الإلكترون والبوزيترون قد صُنِعَا من الطاقة الصافية الخالصة - طاقة صافية خالصة على شكل إنفجار من موجات من الموجات الكهرومغناطيسية ذات طاقة عالية جداً تسمى أشعة غاما - هذه الطاقة توقفت فجأة عن الوجود ، وظهر في مكانها زوج من الجسيمات دون الذرية ، زوج من جسيمات المادة - الإلكترون ومضاد المادة المعاكس له ، البوزيترون.

نحن لم نصنع شيئاً جديداً.  في الأيام السابقة قبل أن نعرف عن معادلة الطاقة (E = mc2) ، كنّا نقول "لقد صنعنا المادة من العدم".  في الحقيقة نحن لم نصنعها من العدم.  ما أظهرناه هنا هو وجود تكافؤ بين المادة والطاقة.  وقد أنتجنا المادة من الطاقة الصافية.  لاحظ هنا أننا لم نصنع الشحنة الكهربائية ، والتي هي في الحقيقة محفوظة ولا يمكن أن تتغير أبداً ، ذلك لأننا صنعنا الشحنة السالبة للإلكترون والشحنة الموجبة للبوزيترون ، والشحنة الكلية مازالت صفراً ، وهي ما كانت عليه قبل عملية التصنيع ، لذلك هذا مسموح.  ولكننا أنتجنا الكتلة  - المادة والتي لم تكن موجودة من قبل - من الطاقة الصافية الخالصة.

إذاً ، هذا هو حدث التخليق الزوجي.  وهذا هو تحويل الطاقة إلى المادة بكفاءة ١٠٠ ٪‏.

ونستطيع الذهاب في الإتجاه الآخر أيضاً.  لو أن إلكتروناً وبوزيتروناً إصطدما ببعضهما البعض ، فإنهما سوف يبيدان أو يفنيان بعضهما البعض تماماً ، وسوف يبعثان إنفجاران من أشعة جاما في إتجاهين متعاكسين ، إنفجار من الموجات الكهرومغناطيسية عالية الطاقة.  وهذه الموجات ستحمل طاقة بصفة مميزة جداً.  هذه الطاقة ستكون بالضبط نفس الطاقة المرتبطة بمعادلة الطاقة (E = mc2) والتي تعمل على كتلة الإلكترون.  وفِي الحقيقة ، هناك أماكن في الكون تكون فيها الطاقات العالية جداً موجودة ، وتكون فيها عمليات الإباد أو الإفناء هذه موجودة طوال الوقت.  ونحن نستطيع التعرف عليها بالنظر إلى أشعة جاما القادمة إلينا من هذه الأماكن والتي تحمل كمية هذه الطاقة بالتحديد.  إذاً هذا شئ يحدث بالفعل في الكون ويمكننا الكشف عنه ، وهو تحويل المادة إلى طاقة بكفاءة ١٠٠ ٪‏.

والآن ، تخيل أن معي كرة التنس ، والتي تحتوي على كمية ضخمة جداً من الطاقة بواسطة المعادلة (E = mc2).  إذا أحضرتها مع كرة تنس مصنوعة من مضاد كرة التنس - إذا كان مثل هذا الشئ موجود بالفعل - عندها سأحصل على تحويل بكفاءة ١٠٠ ٪‏ من المادة إلى طاقة.  بالطبع ، هذه ليت عملية نستطيع ممارستها على الأرض إلا في أصغر المقاييس في مُسَرِّعَات الجسيمات الذرية.  ولكنها عملية ، من حيث المبدأ ، يمكنها أن تحدث ، وهي بالفعل تحدث في بعض الأماكن في الكون.

في الواقع ، في الكون حديث الولادة بعد الإنفجار الكبير ، في الزمن القصير جداً ، في الأجزاء البسيطة من الثانية الأولى بعد ولادة الكون ، كانت الحرارة مرتفعة جداً - والحرارة توافق أو توازي حركة الجسيمات - لدرجة أن الجسيمات التي كانت تتحرك بسرعة كبيرة جداً وبعشوائية ، كانت عندما تصطدم مع بعضها البعض ، كان الإصطدام غالباً يحمل طاقات أكبر بكثير من الطاقة اللازمة لتصنيع جسيمات جديدة.  ولذلك في الكون الوليد ، كان عدد الجسيمات ببساطة لم يكن ثابتاً حيث كان هناك تبادلاً دائماً بين المادة والطاقة وبين الطاقة والمادة في كل الأوقات.  والآن أصبح الكون بارداً جداً إلى النقطة التي أصبح فيها ذلك شئ نادر الحدوث.  ولكنه يحدث إما هنا على الأرض في مُسَرِّعَات الجسيمات الذرية أو في بعض أجزاء الكون ، ويسبب تحويل المادة إلى طاقة بكفاءة ١٠٠ ٪‏ والعكس.

لـــمـــاذا لا يـــســـتـــطـــيـــع شـــئ أن يـــتـــحـــرك أســـرع مـــن الـــضـــوء ؟  الـــتـــفـــســـيـــر الأخـــيـــر.

نحن نود أن نذكر جانباً آخر للمعادلة (E = mc2) قبل أن نكمل.  والآن ، نظراً لأن الطاقة والكتلة ، بمعنى من المعاني ، متكافئة أو متناظرة ، لذلك إذا كان لديَّ طاقة ، فإنها تحمل وتُظهر خاصية هامة للكتلة - وهي خاصية تحدثنا عنها في سياق الحديث عن جاليليو - وهذه الخاصية هي القصور الذاتي.

لذلك فقد إتضح أنه من الصعب أن تُسَرِّع الطاقة بالضبط مثل أنه من الصعب أن تسَرِّع الكتلة.  لذلك إذا بدأ جسم ما في التسارع ، فإنه سيتحرك أسرع فأسرع ، وبالتالي سيكون يحمل طاقة أكبر فأكبر ، وبالتالي سيحمل قصور ذاتي أكبر فأكبر ، ولذلك سيصبح من الصعب أكثر وأكثر أن تجعله يتسارع كلما زادت سرعته أكثر.  وإذا قمنا بقياس القصور الذاتي للإلكترون ، على سبيل المثال ، فإننا سنشاهد أن القصور الذاتي للإلكترون سيزداد بشكل هائل.  وهذا يجعل من الصعب جداً تغيير حركته ، وبالتالي يجعل من الصعب جداً أن نجعله يتسارع أكثر.

لذلك ، لو أردت مناقشة أو حجة علمية فيزيائية أكثر للإجابة على السؤال لماذا لا يستطيع شئ التحرك أسرع من الضوء ، فالمناقشة هي كالتالي :  عندما تتحرك الأشياء أقرب وأقرب لسرعة الضوء ، بالنسبة لك ، سيكون لديها كمية هائلة من الطاقة في شكل طاقة حركية.  وهذه الكمية الهائلة من الطاقة تتوافق أو توازي كمية هائلة من الكتلة ، وبالتالي كمية هائلة من القصور الذاتي.  هذه الكمية الهائلة من القصور الذاتي تجعل من الصعب جداً على هذه الأشياء أن تتسارع أكثر فأكثر.  إذاً سوف نحتاج إلى قوة لانهائية ، وبالتالي كمية من الطاقة لانهائية ، لكي نستطيع توصيل أي شئ لسرعة الضوء.

لذلك، أي شيء له كتلة لا يمكن أن يصل إلى سرعة الضوء أبداً، وبالتالي ، لا يمكن أن يتحرك بسرعة أسرع من الضوء.  يمكن فقط للكيانات التي لا كتلة لها ، مثل الموجات الكهرومغناطيسية أن تتحرك بسرعة الضوء c.

ونحن نعتقد أن هذه تعتبر إجابة مرضية أكثر للسؤال ، لماذا لا يمكنك التحرك بسرعة الضوء أو تجاوزها.  ولكن لاحظ أن هذه الإجابة لا تستند حقاً على أي شئ أخر أكثر مما قلناه في مقالاتنا السابقة ، أي مبدأ النسبية.

هــــل كــــل شــــيــــئ نــــســــبــــي ؟

وآخيراً ، في ما تبقى من هذا المقال ، المقال الأخير حول النسبية الخاصة ، دعنا ننتقل إلى سؤال أخير.  هل كل شيء نسبي ؟

يقول معظم الناس "نعم ، النسبية تقول أن كل شيء نسبي" ، بل واستخدموا ذلك لتبرير النسبية الأخلاقية ، والنسبية في الفلسفة ، والنسبية في الجمالية.  إن هذا كله كلام غير صحيح.  ونحن نعتقد ذلك لسببين.  أولاً أننا لا نعتقد أن الفيزياء النسبية لديها الكثير لتفعل مع تلك التخصصات الأخرى أو لها أي علاقة بها ، على الأقل من حيث جعل الأحكام القيمة بالنسبة لهم.  ثانياً كل شيء ليس نسبياً ، من الواضح أنه ليس كذلك. إن جوهر النسبية ليس أن كل شيء نسبي ، ولكن بعض الأشياء ليست نسبية.  ما هي تلك الأشياء التي ليست نسبية ؟  في الواقع ، قوانين الفيزياء ليست نسبية.  إنها نفس القوانين لكل المراقبين في الحركة المنتظمة.  ماذا أيضاً ليس نسبياً ؟  في الواقع ، سرعة الضوء كنتيجة لكون قوانين الفيزياء هي نفسها.  وهناك كميات أخرى ليست نسبية كذلك. ونود أن نصف واحدة منهم ببعض التفصيل.

ونحن سنذهب إلى استخدام القياس أو التشبيه هنا ، والذي يأتي حرفياً تماماً ، من كتاب رائع يسمى "فيزياء الفضاء والزمن" أو كما هو شائعاً "فيزياء الزمكان".  وهو كتاب رائع مبهج مكتوب من قبل الكاتبين تايلور و ويلر اللذان هما خبيران في النسبية.  وهو كتاب مستواه أعلى قليلاً من هذه المقالات ، ولكن الأمر يستحق النظر فيه.  تايلور و ويلر إستخدما التشبيه أو القياس على صُنَّاع الخرائط.  وصُنَّاع الخرائط هؤلاء سوف يسألون عن المسافات بين الأماكن المختلفة.

الـــذهـــاب مـــن أ إلـــى ب : الـــمـــســـافـــة الـــغـــيـــر مـــتـــغـــيـــرة.

إذا كان عندنا مكانين على خريطة ، دعنا نقول المكان (أ) والمكان (ب).  والآن ، لنفرض أننا نريد الذهاب من النقطة (أ) إلى النقطة (ب) ، وأحد صانعي الخرائط وضع خريطة للمنطقة والتي تتكون من شبكة من خطوط الشمال والجنوب ، والتي تعتمد على إتجاه الشمال والجنوب الجغرافي الحقيقي.  إذاً لدينا إتجاهات الشمال ، والجنوب ، والشرق ، والغرب.  إذاً أصبح لدينا الآن خريطة للمنطقة مكونة من مربعات صغيرة.  إذاً على هذه الخريطة نحن نريد القول "كيف نذهب من (أ) إلى (ب) ؟"  حسناً ، دعنا نقول أننا سنذهب ٤ مربعات باتجاه الشرق (إلى اليمين) ، و ٣ مربعات باتجاه الشمال (إلى الأعلى).  وهذه هي الطريقة التي تذهب بها من (أ) إلى (ب).  وإذا أردنا أن نحسب مسافة الخط المستقيم من (أ) إلى (ب) ، فيتضح أننا يمكن أن نطبق نظرية فيثاغورس والحصول على ذلك.  إنه الخط القطري أو وتر المثلث وهو بالضبط ٥ مربعات.

والآن ، هناك صانع خرائط آخر يقول "أنا سوف أستخدم الشمال المغناطيسي في خريطتي" ، والذي ليس تماماً نفس الشمال الحقيقي.  لذلك خريطته منحرفة قليلاً إلى اليمين.  ولكن الخريطة لا تزال لديها نفس شبكة المربعات.  ولذلك لدينا أيضاً إتجاهات الشمال ، والجنوب ، والشرق ، والغرب.  إذاً أصبح لدينا الآن خريطة للمنطقة مكونة من مربعات صغيرة ، ولكنها منحرفة قليلاً إلى اليمين.  إذاً على هذه الخريطة نحن نريد القول "كيف نذهب من (أ) إلى (ب) ؟"  حسناً ، دعنا نقول أننا سنذهب ٢/٣ ٤ مربع باتجاه الشرق (إلى اليمين) ، و ٣/٤ ١ مربع باتجاه الشمال (إلى الأعلى).  وهذه هي الطريقة التي تذهب بها من (أ) إلى (ب).

لاحظ أن هذا وصفاً مختلفاً لكيفية الذهاب من (أ) إلى (ب).  لماذا هو مختلف ؟  لأن صانع الخرائط الثاني إستخدم تعريفاً مختلفاً لإتجاه الشمال - الجنوب مقابل إتجاه الشرق - الغرب.  ولكننا ما زلنا نتحدث عن الواقع الفيزيائي الحقيقي الكامن نفسه ، وإذا قام صانع الخرائط الثاني بحساب المسافة الخطية الفعلية من (أ) إلى (ب) باستخدام نظرية فيثاغورس ، فإنه لا يزال سيحصل بالضبط على نفس ما كانت عليه المسافة من قبل.  وهي بالضبط ٥ مربعات.  ونستطيع رؤية ذلك عن طريق وضع الخريطتين فوق بعضهما البعض.  إن وصف الطريقة التي تذهب بها من النقطة (أ) إلى النقطة (ب) من حيث مقدار حركتك شرقاً ومقدار حركتك شمالاً هي مختلفة ، ولكن وصف المسافة الحقيقية من (أ) إلى (ب) هي واحدة ولم تتغير.

والآن ، ما الذي يحدث هنا ؟  في الواقع ، ما يحدث هو أن إتجاه الشرق - الغرب في الخريطة الثانية يختلط ويمتزج قليلاً مع إتجاه الشمال - الجنوب في الخريطة الأولى.  لذلك في حالتنا هذه ، الشرق - الغرب ، والشمال - الجنوب ، تعتبر هذه أبعاد مختلفة ، ولكن يحدث لها نوع من الإختلاط أو الإمتزاج.  ويختلط الشمال والجنوب والشرق والغرب لكل خريطة معاً لجعل الشرق والغرب والشمال والجنوب للخريطة الأخرى.  هذا هو السبب في أن لديهم أوصاف مختلفة لنفس الواقع الفيزيائي الحقيقي الكامن.  ولكن النقطة المهمة هي أنه نفس الواقع الفيزيائي الحقيقي الكامن.  أن المسافة الحقيقية المباشرة من النقطة (أ) إلى النقطة (ب) لا تختلف ولا تتغير.  إنها هي نفس المسافة بغض النظر عن أي خريطة إستخدمناها.

إنـــه لـــيـــس الـــفـــضـــاء والـــزمـــن ، إنـــه الـــفـــضـــاء - الـــزمـــن (الـــزمـــكـــان).

والآن ، ما علاقة كل هذا بالنسبية ؟

في الواقع ، القياس أو التشبيه هنا هو كالتالي : الفضاء موازٍ أو مشابه لأحد هذه الإتجاهات ، لنقل مثل ، الشرق - الغرب.  والزمن موازٍ أو مشابه للإتجاه الآخر ، لنقل مثل ، الشمال - الجنوب.  والآن المراقبون المختلفون في الحركة المنتظمة مشابهون لصانعوا الخرائط.  لديهم وجهات نظر مختلفة حول ما هو الشرق والغرب وما هو الشمال والجنوب ، أو ما هي الفواصل المكانية وما هي الفترات الزمنية.

هذا هو السبب الذي يجعل المراقبون المختلفين يحسبون أزمنة مختلفة بين حدثين ومسافات مختلفة بين الحدثين.  بالضبط مثل صانعا الخرائط الإثنين حسبا كميتان مختلفتان من مسافة الشرق - الغرب للذهاب من النقطة (أ) إلى النقطة (ب) ، وحسبا كميتان مختلفتان من مسافة الشمال - الجنوب للذهاب من النقطة (أ) إلى النقطة (ب).  ولكن هناك شيء كلاهما متفق عليه.  وهذا الشيء ، في حالة صانعا الخرائط ، هو مزيج أو جمع بين إتجاهات الشرق - الغرب ، والشمال - الجنوب.  إنها تُجمع بطريقة لجعل شيء ثابت غير مختلف لا يتغير ، كمية فيزيائية حقيقية موضوعية والتي يتفقان جميعاً عليها ، وهذه هي المسافة بين النقطة (أ) و (ب).

في النسبية الوضع مختلف قليلاً.

في النسبية هناك مسافة موضوعية مطلقة.  ولكنها ليست مسافة في الفضاء.  إنها مسافة في الفضاء وفِي الزمن معاً.  وإذا قمت بجمع أو دمج تلك الفترات الزمنية ، التي كنّا نتحدث عنها ، بين حدثين مختلفين ، والتي هي مختلفة بالنسبة للمراقبين المختلفين ، وقمت بجمعها أو دمجها مع الفترات أو الفواصل المكانية بين الحدثين المختلفين ، والتي هي مختلفة أيضا ، بالنسبة للمراقبين المختلفين ، إذاً في هذه الحالة كل مراقب سيستطيع حساب كمية ثابتة لا تتغير.  وهي الكمية التي يُطلق عليها الفترة أو الفاصل الزماني - الفضائي ، أو كما هو شائعاً أكثر الفترة أو الفاصل الزمكاني بين هذين الحدثين.  وسيتفق جميع المراقبين على هذه الفترة الزمكانية أو الفاصل الزمكاني هذا.  إذاً بين حدثين إثنين ، هناك بعض الحقيقة في المسافة الفاصلة بينهما.  الحقيقة هي ليست فصلاً في الفضاء وفصلاً في الزمن ، كما كنا نظن قبل النسبية.  ولكن الحقيقة هي فصلاً في كيان مشترك ، والذي سوف نطلق عليه الزمكان.

الـــبـــعـــد الـــرابـــع.

هناك حقاً نسيج ذو أربعة أبعاد لكوننا.  هناك أربعة أبعاد.  الثلاثة أبعاد للفضاء ، ثلاثة إتجاهات عمودية متبادلة ، اليمين - واليسار، والأمام - والخلف ، والأعلى - والأسفل ، جنباً إلى جنب مدموجة مع البعد الرابع ، والذي لا يمكننا رسمه لك أو نشير إلى إتجاهه ، لأننا نعيش ونعمل في الفضاء ثلاثي الأبعاد.  ولكن البعد الرابع هو الزمن.

والطريقة التي ينفصل بها الزمكان إلى فضاءات منفصلة وأزمنة منفصلة للمراقبين المختلفين ، تختلف مع إختلاف حالة الحركة لهم.  تماماً مثل الطريقة التي ينفصل بها الواقع الفيزيائي الحقيقي للمسافة بالنسبة لصانعوا الخرائط إلى شمال - وجنوب ، وشرق - وغرب ، يعتمد على حسب إختيارهم لإتجاهات الشمال الجغرافي أو الشمال المغناطيسي.  وبالمثل ، ما هو الفضاء وما هو الزمن يختلف للمراقبين المختلفين في حالات الحركة المنتظمة المختلفة.  ولكنهم جميعاً يتفقون على شيء واحد حقيقي كامن ، وهو ثبات الفاصل أو الفترة الزمكانية التي لا تتغير بالنسبة لهم ، والتي يمكنك حسابها بطريقة مختلفة قليلاً.  ليست نظرية فيثاغورس ، في هذه الحالة ، ولكنهم جميعاً يتفقون على ذلك.

وهناك ، في الواقع ، كميات أخرى يتفق عليها جميع المراقبين.  هناك الكميات التي تنشأ في الكهرباء ، على سبيل المثال ، والتي تنطوي على الشحنة الكهربائية والتيار الكهربائي ، والتي تبدو مختلفة في الأطر المرجعية المختلفة.  لكنهم يجتمعون ليشكلوا عاملاً مشتركا يتفق عليه الجميع ، بغض النظر عن إطارهم المرجعي.  إذاً هناك بالفعل واقع فيزيائي حقيقي كامن.  وقد لخَّصَ هذا الواقع الفيزيائي الحقيقي الكامن العالم هيرمان مينكوفسكي ، والذي كان مدرس أينشتاين للرياضيات ، وبعد ذلك ، كما قلنا في مقال سابق ، أصبح واحداً من الناس الذين أعطى أفضل تفسير رياضي للنسبية الخاصة.

ما قاله مينكوفسكي هو التالي : "من الآن فصاعداً ، المكان والزمان ، في حد ذاتهما - الفضاء في حد ذاته والزمن في حد ذاته - محكوم عليهما بالتلاشي في الظلال.  وفقط نوع من إتحاد الإثنين معاً سوف يحافظ على واقع مستقل.  وهذا الإتحاد بين الإثنين هو الزمكان".

ولقد قدمناه لكم للتو ، الآن ، كمفهوم مجرد.  ولكنه سيصبح لاعباً رئيسياً.  وسوف يلعب دوراً رئيسياً ونشطاً في تطوير النظرية النسبية العامة لأينشتاين. 

المشاركة على واتساب متوفرة فقط في الهواتف